السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



جدة: وائل أبو منصور

أقراص "بنادول" مصنوعة من الطباشير.. أكياس شاي تحتوي على نشارة خشب.. شامبوهات تحتوي على مادة الأسيد كلها منتجات عرضت في اليوم الأول للمعرض المصاحب للمنتدى العربي الأول لحماية المستهلك من الغش التجاري والتقليد بجدة، وهي باختصار "غيض" من "فيض" لمحاولات استغلال المستهلك اليومية من أناس بحثوا عن الكسب السريع بلا رادع أو ضمير حي.
قايد فؤاد، الذي تولى شرح الفروقات بين السلع المقلدة والأصلية في كشك العرض الرئيس بالمعرض، هو أحد العاملين الميدانيين في شركة حماية العالمية التي تنظم المنتدى مع الجمارك السعودية. يحكي فؤاد قصة إحدى زيارات الشركة الميدانية لكن المكان المفاجئ للزيارة هو حظيرة للبهائم في مدينة الخبر، وهي عبارة عن غرفة صغيرة داخل الحظيرة فيها مصنع للشامبوهات المخلوطة بمادة الأسيد.
و تحدث فؤاد بشيء من الأسى عن المصنع/الغرفة. ربما لا يشكل الأمر مفاجأة للكثيرين. فأخبار مداهمة أوكار البضائع المقلدة والمغشوشة كثيرة في صحافتنا المحلية.
"بعض السلع تقلد بمهارة فائقة ويصعب على المستهلك اكتشافها"، هذا ما أوضحه فؤاد، الذي اكتسب مهارة في كشف السلع المقلدة والمغشوشة بحكم التدريب الذي تلقاه. وهذا ما أكده مدير عام الجمارك السعودية صالح بن منيع الخليوي في مؤتمر صحفي عشية انطلاق أعمال المنتدى عندما أشار إلى أن بعض السلع المقلدة تحتاج إلى خبراء لاكتشافها.
إلى ذلك تكاد قاعات فندق هيلتون جدة، الذي يحتضن المنتدى، تضج بالخبراء والمختصين والمهتمين بظاهرة الغش التجاري والتقليد. وفي إحدى القاعات كان صوت أخصائي حماية حقوق الملكية الفكرية بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة محمد شلتوت يغلف المكان بحماسة واضحة. لكن معلومة واحدة ألقاها شلتوت على مسامع الحضور أثارت حماستهم في المداخلات وهي "نسبة القرصنة في المملكة تصل لنحو 60% في بعض الأحيان". هذا الرقم الكبير تم رفضه من أحد موظفي الجمارك السعودية بجدة سعيد الغامدي. إلا أن شلتوت أكد على أن الرفض يجب أن يستند على رقم آخر، أي دراسة بديلة. شلتوت أوضح أن زيادة نسبة القرصنة قد لا يعني أن ثمة تقصيرا في الأداء الحكومي، بقدر ما يعني أن حجم السوق السعودي في زيادة مستمرة.
"حماية المستهلك هي هدفنا "، هذا ما يؤكده شلتوت. إلا أنه كثيرا ما ينتابنا الشك عندما نسمع الدفاع القوي عن الملكية الفكرية وضرر السلع المقلدة والمغشوشة. نظرية المؤامرة تتسلل إلى أذهاننا لتذكرنا بهدوء "هذه الضجة المفتعلة عن حقوق الملكية الفكرية والسلع المقلدة والمغشوشة هي من أجل الحفاظ على أرباح الشركات من صعاليك تجار التقليد". رأي تسمعه همسا في أروقة المنتدى، وتسمعه بصوت أكثر وضوحا عند شريحة المستهلكين العريضة.
ولكن إذا كانت بعض السلع المقلدة والمغشوشة تشكل أثرا مباشرا على صحة الإنسان، وبالتالي يجب تفاديها. فماذا عن السلع التي لا تشكل أثرا على صحة الإنسان؟ مثل البرمجيات والأفلام والألعاب الإلكترونية. عندما توجهت بسؤال عن ذلك الأمر لفؤاد أشاح بوجهه بصورة لا شعورية، وقال "ما يهمنا هو حماية المستهلك، والشركات الكبيرة تعرف كيف تحمي نفسها".
في قاعة مجاورة، كان مسؤول مكتب سياسات حماية حقوق الملكية الفكرية ومكتب براءات الاختراع والعلامات التجارية الأمريكية تود ريفيز يعرض على الشاشة الكبيرة صورا لبعض المضبوطات من البضائع المقلدة. كانت الصورة المعروضة عبارة عن حقائب نسائية لا تثير شكا للوهلة الأولى، إلا أنها تبتلع في أحشائها بشكل خفي حقائب صغيرة من العلامة التجارية "لويس فيتون". صورة أخرى كانت عبارة عن مجموعة من "البطاريات" الصغيرة لأحد العلامات التجارية المقلدة، غلفت بمادة فوقها لتوهم مفتش الجمارك بأنها من علامة تجارية تطرح لأول مرة. "تشاهدون كيف أن رخص العمالة في الصين قد ساعد على تنفيذ كل هذه الخطوات المكلفة لتمرير بضاعة مقلدة إلى الأسواق"، قالها ريفيز مختتما حديثه.
المنتدى في يومه الأول يضج بالحركة. أجمل ما فيه أن من يقومون على تنظيمه، ويسهرون على نجاحه، هم من الشباب السعودي. مدير الشؤون الإعلامية بشركة "هد لاين" صالح فريد وفريقه من الشباب والشابات شعلة لا تهدأ من الحيوية والنشاط، "هؤلاء أصليون وليسوا تقليد"، قالها فريد وهو يضحك.